الشباب بين العلم والعمل
رؤية واقعية، مشاكل وحلول
الحمد لله الواحد الأبدي، والصلاة والسلام على النبي العربي الأمِّي، المنزَّل عليه: ? إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ? [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على أشرف الخلق سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
"قد تخرجت ولم أجد عملًا"!
كلمةٌ دائمًا ما يُردِّدها الشباب - وخاصة حديثي التخرج - نظرًا لما يجدونه في واقعهم المعيشي من قلَّةٍ في فرص العمل التي تلائمهم أو الملبِّية لمتطلباتهم المرجوَّة في نظرهم.
أين المشكلة؟
يتخرج الشباب في جامعاتهم، أو مدارسهم، على اختلاف تخصصاتهم، فيواجهون مشكلةً، هي كبرى في نظرهم، ولكن بعد أن تتَّضِح لهم يجدون أنها ليست من المشكلات في شيء، ألا وهي: "ماذا أعمل؟ لا أجد ما يناسبني من العمل!".
ثم يُلقي الشاب نظرةً إلى مؤسسات دولته، التي يطمح أن يعمل فيها، فيجد أنها قد امتلأتْ بالموظفين، ويتفاجأ أكثرَ بأن العدد الأكبر منهم تصل أعمارهم لما فوق الأربعين، فيصاب الشاب باليأس؛ لأنه لم يجد مكانًا له في مؤسسات دولته، فيبدأ الشاب يفكر في عمل يدرُّ عليه ربحًا كثيرًا، دون مراعاةِ ملاءمة العمل لما تخصص فيه من العلوم التي درسها، فأين المشكلة؟
هل المشكلة عند بعض الشباب الذي أساء التفكير تجاهَ ما يرجوه من العمل؟ أم عند الدولة التي يعيش فيها ذلك الشاب؟
مِن هنا نعلم أن الشاب يتحمل جزءًا من المشكلة؛ نظرًا لأن كثيرًا من الشباب فورَ تخرجهم غيرُ مؤهلين لسوق العمل، فيلجأ الشاب للبحث عن العمل دون مراعاةِ تأهيل نفسه للعمل الذي سيعمله، خاصة إذا أراد العمل في تخصصه.
ونعلم أيضًا أن الدولة تتحمل جزءًا آخر من المشكلة؛ نظرًا لعدم تدريب الشاب التدريب الكافي أثناء دراسته؛ حتى يصبح مؤهلًا - ولو تأهيلًا جزئيًّا - للعمل في تخصصه الذي بذل أعوامًا من حياته للدراسة فيه.
ومن ثَم تظهر لنا مشكلتان:
مشكلة البطالة التي طالما عانت منها الشعوب والدول.
ومشكلة العمل في غير المجال، التي أصبحت ظاهرة مألوفة لدى المجتمعات، والتي في أغلب الأحيان يكون تأثيرها سلبيًّا على المجتمعات.
من مظاهر المشكلة:
عند تتبعنا لأحوال حديثي التخرج من الشباب في مجتمعات مختلفة، نجد أن أكثرهم يلجأُ - كما ذكرتُ - إلى العمل الذي يدرُّ عليه ربحًا كثيرًا، دون مراعاةِ التأني في البحث عن العمل المناسب، فينظر الشاب أسفل قدمَيْه، ولا ينظر نظرة مستقبلية يكون لها الأثر الحسن في حياته بعد ذلك.
فمثلًا تجد كثيرًا من خرِّيجي الكليات المختلفة يلجؤون إلى العمل في المحال التِّجارية، أو تجد غيرهم في مجتمعات أخرى يلجؤون إلى العمل فيما يُسمَّى بالحدادة والنجارة والبناء، وغيرها من الأعمال التي تستغرق وقتًا طويلًا في أغلب الأحيان، وتؤثر بالسلب على ما درسه الشاب وتعلمه، لا أُقلِّل مِن قدر هذه الأعمال، فلطالما ساهمت في اقتصاد الدول، وأيضًا ما دام العمل حلالًا، فهو شريف.
لكن الذي أقصده أنك تجد خرِّيجًا لكلية الهندسة مثلًا يعمل بائعًا في أحد المحلات، ولا يفكر في أن يسعى لتنمية نفسه في مجاله الذي تخصص فيه، لحين إيجاد العمل المناسب.
كذلك أيضًا تجد خريجًا لإحدى الكليات الشرعية، يعمل في الأعمال التي لا تناسبه أصلًا، دون أن يفكر أيضًا في إعداد نفسه وتنميتها بما يناسبها.
ثم تجد قطاعًا آخر عريضًا من الشباب يلجأ للمكث في المنزل والسَّمر مع الأصدقاء، إلى حين يتم الإعلان عن إحدى مسابقات التوظيف، فيتقدم الشاب إليها، ولكن دون أن يدري أنه قد نسي ما درسه من علوم تتعلق بتلك الوظيفة، فيتفاجأ الشاب بعدم قَبوله في الوظيفة التي تقدم إليها.
ثم لو ألقينا نظرةً على أوضاع الفتيات، نجد أن أوضاعهن لا تختلف كثيرًا عن الشباب، فتجد الفتاة في بعض المجتمعات تلجأ للمكثِ في المنزل فور إنهاء دراستِها، وتجد أخريات يلجأن للعمل غير المناسب، كما أوضحتُ.
ولكن لا نغفل أن الفتيات أصبَحْن أكثر اجتهادًا من الشباب، فلو أحصينا مثلًا المتردِّدين على المراكز الثقافية والتعليمية المختلفة نجد أكثرَهم فتيات، فأصبحن أكثر صبرًا على التعليم من الشباب؛ مما جعلهن مؤهلاتٍ لسوق العمل، مما نتج عنه تفوقهن في المسابقات الوظائفية، ومن ثم حصولهن على العمل المناسب قبل حصول الشاب الذي في نفس عمرِها على عمل يناسبه.
ما الحل؟
يتساءل الشباب: ما الحل إذا؟
هل نهتم فقط بدراستنا حتى بعد تخرجنا، ونصبح عالةً على آبائنا، ونرهقهم في دفع مصروفات التعليم؟
ألم يَكْفِنا مساعدتهم لنا في الشؤون الحياتية؟
أم هل نلجأ للعمل حتى نُوفِّر لأنفسنا ما نحتاجه من أموال تساعدنا في قضاء حوائجنا؟
أيها الشباب، وأيتها الفتيات، كما أن المشكلة تجزَّأت، فتحملتم جزءًا، وتحملت دولكم جزءًا، كذلك الحل يتجزَّأ أيضًا، فحلولٌ بأيديكم، وأخرى ملقاة على عاتق دولكم.
yalla shoot - تعبير عن العلم - موقع قصة عشق - توقعات 2017 - صباح الخير - تعبير عن الوطن - موقع نور - عيد ميلاد سعيد - دعاء يوم الجمعة - صور بابا نويل - ابراج 2017 - كلام حب - شعر غزل - صور كرسمس - تنبؤات - سنة 2017 - صور كريسماس - صور بروفايل - كيف اعرف برجي - خواطر حب - دعاء يوم الجمعه - برج الحوت 2017 - رسائل حب - كلام رومانسي - موقع يلا شوت - صور - ميشال حايك - اذاعة مدرسية - تعبير عن الامل - جوي عياد - موضوع تعبير عن القراءة - مدح صديق - دعاء السفر - سوريا 2017 - دعاء للابناء - مناظر طبيعية - تهنئة بالعام الجديد 2017 - صور حداد - احتفالات راس السنه 2017 - كلام حلو - صور عن الاخت - صور مطر - صور انستقرام بنات - معاني الاسماء - خلفيات 2017 - صور السنة الجديدة - قصة عشق - كلام عن الحب - مراد علم دار - شعر مدح - عبارات الصباح - برج العذراء 2017 - قهوة الصباح - صور بنات - صور حب - رسائل عشق - صور رومانسية - دعاء قصير - اسماء بنات - شامل - اخبار - السعودية - ميزانية السعودية 2017
فأما الحلول التي بأيديكم، فيتضح أهمها في النقاط التالية:
• على الشباب فور إنهاء دراستهم أن يبحثوا قدرَ استطاعتهم عن عمل في نفس مجال دراستهم؛ حتى ينموا قدراتهم العلمية عمليًّا، ويكتسبوا خبرةً واسعة عمَّا درسوه.
• إذا وجد الشاب عملًا يتعلَّق بمجال دراسته، فلا ينظر أول الأمر إلى الراتب الذي سيتقاضاه، ولكن يَقبَل العمل أيًّا كان الراتب، وليجعَلْ من ذلك العملِ نقطةَ بدايةً له يتحرك منها، ليتعرف من خلاله بعد ذلك على أعمال كثيرة تخص مجال دراسته.
• ألَّا يَيْئس الشابُّ من كثرة تغييره للأعمال، بل يعمَلُ هنا فترة، ويعمل هناك فترة أخرى، فسيمنحه ذلك مزيدًا من الخبرة والممارسة، ومزيدًا من الاحتكاك بمختلف صنوفِ البشر، وكذلك قدرة على التعامل والتفكير السديد.
• إذا أراد الشاب أن يُواصِلَ دراسته بعد تخرُّجه، وأراد في نفس الوقت أن يعمل ليُخفِّف الحِمل عن والديه، فليَلْجَأ لعملٍ لا يستغرق منه جهدًا كبيرًا أو وقتًا طويلًا، فيلجأ لعمل يناسبه - كما ذكرتُ - ويكون عدد ساعاته بحد أقصى مثلًا ثماني ساعات؛ حتى يوفِّر لنفسه الجهد والوقت لاستذكار دروسه.
• أن يشترك الشاب في الأعمال التطوعية، ولا سيما الأعمال التي تتكفَّلها الوزارات في دولته، والتي من خلالها يكتسب خبرة واسعة في التعرف على متطلبات مجتمعه الذي يعيش فيه.
• أن يتردَّد الشاب على المراكز الثقافية للدول المختلفة الموجودة في بلده، حتى يتعرَّف على ثقافات الشعوب الأخرى، وقد يُسهِّل له ذلك فرصةَ الحصول على منحة دراسية خارج البلاد، وكذلك العمل أيضًا.
• التردد على المكتبات، والاهتمام بالقراءة لكلِّ مَن كان في مقتبل العمر، وأخذ بعض الدورات التدريبية المؤهِّلة لسوق العمل، والمتعلقة بمجال الدراسة؛ فذلك يمنحه سعة في آفاق المعرفة.
• المشاركة في الندوات العلمية التي تقيمُها الجامعات والوزارات، فمِن خلالها يتعرَّف الشاب مباشرةً على علماء دولته وقياداتها، فيكتسب منهم خبرة عمرهم في دقائق معدودة.
• أن يعرِف الشاب بعضًا من قصص العظماء، كيف عاشوا وتغلبوا على المصاعب، وكيف واجهوا العقبات التي مرُّوا بها في حياتهم، حتى صاروا عظماء يشار إليهم بالبنان، فكثيرًا ما تتشابه الحوادث التي مرَّ بها هؤلاء مع ما سيمر به الشاب الطامح لأن يكون مثلهم.
• أن يسافر الشاب ويرتحل في طلب العلم والعمل، ويكفيه أن في السفرِ والارتحال فوائدَ كثيرة، جمع بعضها الإمام الشافعي في أبيات شعرية، فقال:
تغرَّبْ عَنِ الأوطانِ في طلبِ العُلا
وسافِرْ فَفِي الأسفارِ خمسُ فوائدِ
تفرُّج همٍّ واكتساب معيشةٍ
وعِلم وآداب وصُحبة ماجِدِ
وأما الحلول الملقاة على عاتق دولكم، فيجيئ أهمها في النقاط التالية:
• عقد الندوات المفتوحة لمناقشة تطلُّعات الشباب نحو المستقبل وما يجب لهم وعليهم.
• مراقبة إبداعات الشباب العلمية والعملية، وتنمية مهاراتهم في مختلف المجالات للاستفادة منها، والرفع من شأنها، وإعطاؤهم المكافآت - ولو التشجيعية - لمواصلةِ تلك الإبداعات الهادفة، سواء كانت في العلوم، أم في الفنون، أم غيرها.
• إمدادُ الشباب بما يحتاجون إليه من أدواتٍ علمية لمواصلة أبحاثهم، أو أدوات عملية لمساعدتهم في إكمال مشاريعهم التي بدؤوها، أيًّا كانت، طالما ستعود بالنفع على الشاب وعلى مجتمعه.
• التعاون الثلاثي المُثمِر بين الجامعات والوزارات والمراكز الثقافية، وتوضيح ذلك كالآتي:
• التعاون بين الجامعات والوزارت، فيتم عقد اتفاقيات بين الجامعات والوزارات على أن يتم تدريب الطلاب بمختلف تخصصاتهم أثناء دراستهم في المؤسسات الحكومية وغيرها التابعة للوزارات المختلفة؛ فمثلًا يتم عقد اتفاقية بين كليات الدعوة الإسلامية وأصول الدين والشريعة، وبين وزارة الأوقاف، على تدريب الطلاب أثناء دراستهم على الإمامة والخطابة في المساجد، تحت رعاية علماء أجلاء من وزارة الأوقاف، مما سيعود بالنفع على الطلاب وكلياتهم، والوزارة التي يتم التدريب فيها تحت رعايتها.
أو يتم عقد اتفاقية بين كليات الطب وبين وزارة الصحة على أن يتم تدريب الطلاب في المستشفيات طوال مدة دراستهم، تحت رعاية أطباء كبار من الوزارة، مما سينقل خبرة الطب بكلِّ سلاسة ويسرٍ للطالب، وكذلك التعرف على مختلف الحالات المرضية الواردة على المستشفى، وأيسر الطرق لمعالجتها والتعامل مع المريض.
أو تعقد اتفاقية بين كليات التجارة والسياسة والاقتصاد وبين وزارات التجارة والصناعة، والتعاون الدولي، وكذلك وزارة المالية، على أن يتم تدريب الطلاب في هذه الوزارات، فيتدرب الطالب مثلًا على كيفية إدارة المبالغ الضخمة من الأموال، وكيفية استثمارها في دولته، أو يتدرب على كيفية إدارة الأزمات الاقتصادية، وأساليب حلها، أو يتدرب على التعاون المثمر بين الدول في مختلف المجالات.
• التعاون بين الجامعات والمراكز الثقافية، فتعقد اتفاقيات بين الجامعات والمراكز الثقافية للدول المختلفة، على أن يتم تدريب الطلاب في تلك المراكز، تحت رعاية أساتذة الجامعة، بالتعاون مع مسؤولي تلك المراكز، فيتعرف الطالب على مختلف ثقافات الشعوب ولُغاتهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وغير ذلك؛ مما ينمي فكر الشباب؛ فمثلًا يتم عقد اتفاقية بين كليات اللغات والترجمة والألسن وبين المراكز الثقافية المختلفة، على أن يتم تدريب الطلاب وتوسيع أفكارهم في التعرُّف على لغات تلك الدول، وإمداد الجامعات بما يناسبها من مواد تعليمية تُسهِّل على الطالب ذلك.
أو تعقد اتفاقية بين كليات العلوم وبين المراكز الثقافية، على أن يتم تعريف الطلاب مثلًا على آخر ما توصَّلت إليه تلك الدول من أبحاث علمية، وكيفية الاستفادة منها، وتطبيقها في دولهم.
أو يتم عقد اتفاقيات بين الجامعات وتلك المراكز الثقافية، على أن يتم ابتعاث الطلاب المتفوقين إلى الدول التابعة لها تلك المراكز؛ للاستفادة من خبرات علمائها، وكذلك الاستفادة من تجاربها في المجالات المختلفة.
• التعاون بين الوزارات والمراكز الثقافية؛ فمثلًا يتم عقد اتفاقية بين وزارة الشباب والرياضة وبين المراكز الثقافية المختلفة، لتدريب الشباب على مختلف أنواع الرياضات المنتشرة حول العالم من ألعاب وفنون للقتال وغيرها.
أو تعقد اتفاقية بين وزارة الثقافة وتلك المراكز للمساهمة الفعالة في عملية ترجمة العلوم، ونشر الكتب، وغيرها، مما يختصر الطريق على الأجيال القادمة.
أو استدعاء بعض من العلماء بمختلف تخصصاتهم من الدول المختلفة، من خلال مراكز دولهم، لتدريب العمال والموظفين، كلٌّ في مجالِه تحت رعاية الوزارة التابعين لها.
هذا التعاون الثلاثي المثمر سيُساهِم مساهمة فعَّالة في النهوض بالشباب علميًّا وعمليًّا، وتوسيع خبراتهم، وتفتُّح رؤاهم للمستقبل.
ويساهم أيضًا في الاستغلال الأمثل لطاقات الشباب الغالية، التي كثيرًا ما فرَّطنا فيها، فضاعت منا هباءً.
ويساهم أيضًا في توطيد العَلاقة بين مؤسسات الدولة بعضها البعض، وكذلك بينها وبين الدول الأخرى، مما يعود بالنفع لكل الأطراف المشاركة في ذلك التعاون البنَّاء.
تلك الحلول البسيطة، وغيرها من الحلول الأخرى، يجب على الدول الاهتمام بها وتطبيقها في واقعها الحياتي؛ لتيسير إيجاد الأعمال التي تناسب الشباب بمختلف تخصصاتهم، بدلًا من استقطاب الشباب من خلال بعض الجماعات أو الشركات للعمل لصالحها.
وستُسهِم تلك الحلول في خلق أجيالٍ من الشباب تقودُ بلادها، بعد أن نهلت من خبرة علمائها؛ لتستطيع الربط بين الماضي التليد، والمستقبل المجيد.
والله ولي التوفيق.. وصلى الله وسلم وبارك على أشرف الخلق سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
رؤية واقعية، مشاكل وحلول
الحمد لله الواحد الأبدي، والصلاة والسلام على النبي العربي الأمِّي، المنزَّل عليه: ? إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ? [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على أشرف الخلق سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
"قد تخرجت ولم أجد عملًا"!
كلمةٌ دائمًا ما يُردِّدها الشباب - وخاصة حديثي التخرج - نظرًا لما يجدونه في واقعهم المعيشي من قلَّةٍ في فرص العمل التي تلائمهم أو الملبِّية لمتطلباتهم المرجوَّة في نظرهم.
أين المشكلة؟
يتخرج الشباب في جامعاتهم، أو مدارسهم، على اختلاف تخصصاتهم، فيواجهون مشكلةً، هي كبرى في نظرهم، ولكن بعد أن تتَّضِح لهم يجدون أنها ليست من المشكلات في شيء، ألا وهي: "ماذا أعمل؟ لا أجد ما يناسبني من العمل!".
ثم يُلقي الشاب نظرةً إلى مؤسسات دولته، التي يطمح أن يعمل فيها، فيجد أنها قد امتلأتْ بالموظفين، ويتفاجأ أكثرَ بأن العدد الأكبر منهم تصل أعمارهم لما فوق الأربعين، فيصاب الشاب باليأس؛ لأنه لم يجد مكانًا له في مؤسسات دولته، فيبدأ الشاب يفكر في عمل يدرُّ عليه ربحًا كثيرًا، دون مراعاةِ ملاءمة العمل لما تخصص فيه من العلوم التي درسها، فأين المشكلة؟
هل المشكلة عند بعض الشباب الذي أساء التفكير تجاهَ ما يرجوه من العمل؟ أم عند الدولة التي يعيش فيها ذلك الشاب؟
مِن هنا نعلم أن الشاب يتحمل جزءًا من المشكلة؛ نظرًا لأن كثيرًا من الشباب فورَ تخرجهم غيرُ مؤهلين لسوق العمل، فيلجأ الشاب للبحث عن العمل دون مراعاةِ تأهيل نفسه للعمل الذي سيعمله، خاصة إذا أراد العمل في تخصصه.
ونعلم أيضًا أن الدولة تتحمل جزءًا آخر من المشكلة؛ نظرًا لعدم تدريب الشاب التدريب الكافي أثناء دراسته؛ حتى يصبح مؤهلًا - ولو تأهيلًا جزئيًّا - للعمل في تخصصه الذي بذل أعوامًا من حياته للدراسة فيه.
ومن ثَم تظهر لنا مشكلتان:
مشكلة البطالة التي طالما عانت منها الشعوب والدول.
ومشكلة العمل في غير المجال، التي أصبحت ظاهرة مألوفة لدى المجتمعات، والتي في أغلب الأحيان يكون تأثيرها سلبيًّا على المجتمعات.
من مظاهر المشكلة:
عند تتبعنا لأحوال حديثي التخرج من الشباب في مجتمعات مختلفة، نجد أن أكثرهم يلجأُ - كما ذكرتُ - إلى العمل الذي يدرُّ عليه ربحًا كثيرًا، دون مراعاةِ التأني في البحث عن العمل المناسب، فينظر الشاب أسفل قدمَيْه، ولا ينظر نظرة مستقبلية يكون لها الأثر الحسن في حياته بعد ذلك.
فمثلًا تجد كثيرًا من خرِّيجي الكليات المختلفة يلجؤون إلى العمل في المحال التِّجارية، أو تجد غيرهم في مجتمعات أخرى يلجؤون إلى العمل فيما يُسمَّى بالحدادة والنجارة والبناء، وغيرها من الأعمال التي تستغرق وقتًا طويلًا في أغلب الأحيان، وتؤثر بالسلب على ما درسه الشاب وتعلمه، لا أُقلِّل مِن قدر هذه الأعمال، فلطالما ساهمت في اقتصاد الدول، وأيضًا ما دام العمل حلالًا، فهو شريف.
لكن الذي أقصده أنك تجد خرِّيجًا لكلية الهندسة مثلًا يعمل بائعًا في أحد المحلات، ولا يفكر في أن يسعى لتنمية نفسه في مجاله الذي تخصص فيه، لحين إيجاد العمل المناسب.
كذلك أيضًا تجد خريجًا لإحدى الكليات الشرعية، يعمل في الأعمال التي لا تناسبه أصلًا، دون أن يفكر أيضًا في إعداد نفسه وتنميتها بما يناسبها.
ثم تجد قطاعًا آخر عريضًا من الشباب يلجأ للمكث في المنزل والسَّمر مع الأصدقاء، إلى حين يتم الإعلان عن إحدى مسابقات التوظيف، فيتقدم الشاب إليها، ولكن دون أن يدري أنه قد نسي ما درسه من علوم تتعلق بتلك الوظيفة، فيتفاجأ الشاب بعدم قَبوله في الوظيفة التي تقدم إليها.
ثم لو ألقينا نظرةً على أوضاع الفتيات، نجد أن أوضاعهن لا تختلف كثيرًا عن الشباب، فتجد الفتاة في بعض المجتمعات تلجأ للمكثِ في المنزل فور إنهاء دراستِها، وتجد أخريات يلجأن للعمل غير المناسب، كما أوضحتُ.
ولكن لا نغفل أن الفتيات أصبَحْن أكثر اجتهادًا من الشباب، فلو أحصينا مثلًا المتردِّدين على المراكز الثقافية والتعليمية المختلفة نجد أكثرَهم فتيات، فأصبحن أكثر صبرًا على التعليم من الشباب؛ مما جعلهن مؤهلاتٍ لسوق العمل، مما نتج عنه تفوقهن في المسابقات الوظائفية، ومن ثم حصولهن على العمل المناسب قبل حصول الشاب الذي في نفس عمرِها على عمل يناسبه.
ما الحل؟
يتساءل الشباب: ما الحل إذا؟
هل نهتم فقط بدراستنا حتى بعد تخرجنا، ونصبح عالةً على آبائنا، ونرهقهم في دفع مصروفات التعليم؟
ألم يَكْفِنا مساعدتهم لنا في الشؤون الحياتية؟
أم هل نلجأ للعمل حتى نُوفِّر لأنفسنا ما نحتاجه من أموال تساعدنا في قضاء حوائجنا؟
أيها الشباب، وأيتها الفتيات، كما أن المشكلة تجزَّأت، فتحملتم جزءًا، وتحملت دولكم جزءًا، كذلك الحل يتجزَّأ أيضًا، فحلولٌ بأيديكم، وأخرى ملقاة على عاتق دولكم.
yalla shoot - تعبير عن العلم - موقع قصة عشق - توقعات 2017 - صباح الخير - تعبير عن الوطن - موقع نور - عيد ميلاد سعيد - دعاء يوم الجمعة - صور بابا نويل - ابراج 2017 - كلام حب - شعر غزل - صور كرسمس - تنبؤات - سنة 2017 - صور كريسماس - صور بروفايل - كيف اعرف برجي - خواطر حب - دعاء يوم الجمعه - برج الحوت 2017 - رسائل حب - كلام رومانسي - موقع يلا شوت - صور - ميشال حايك - اذاعة مدرسية - تعبير عن الامل - جوي عياد - موضوع تعبير عن القراءة - مدح صديق - دعاء السفر - سوريا 2017 - دعاء للابناء - مناظر طبيعية - تهنئة بالعام الجديد 2017 - صور حداد - احتفالات راس السنه 2017 - كلام حلو - صور عن الاخت - صور مطر - صور انستقرام بنات - معاني الاسماء - خلفيات 2017 - صور السنة الجديدة - قصة عشق - كلام عن الحب - مراد علم دار - شعر مدح - عبارات الصباح - برج العذراء 2017 - قهوة الصباح - صور بنات - صور حب - رسائل عشق - صور رومانسية - دعاء قصير - اسماء بنات - شامل - اخبار - السعودية - ميزانية السعودية 2017
فأما الحلول التي بأيديكم، فيتضح أهمها في النقاط التالية:
• على الشباب فور إنهاء دراستهم أن يبحثوا قدرَ استطاعتهم عن عمل في نفس مجال دراستهم؛ حتى ينموا قدراتهم العلمية عمليًّا، ويكتسبوا خبرةً واسعة عمَّا درسوه.
• إذا وجد الشاب عملًا يتعلَّق بمجال دراسته، فلا ينظر أول الأمر إلى الراتب الذي سيتقاضاه، ولكن يَقبَل العمل أيًّا كان الراتب، وليجعَلْ من ذلك العملِ نقطةَ بدايةً له يتحرك منها، ليتعرف من خلاله بعد ذلك على أعمال كثيرة تخص مجال دراسته.
• ألَّا يَيْئس الشابُّ من كثرة تغييره للأعمال، بل يعمَلُ هنا فترة، ويعمل هناك فترة أخرى، فسيمنحه ذلك مزيدًا من الخبرة والممارسة، ومزيدًا من الاحتكاك بمختلف صنوفِ البشر، وكذلك قدرة على التعامل والتفكير السديد.
• إذا أراد الشاب أن يُواصِلَ دراسته بعد تخرُّجه، وأراد في نفس الوقت أن يعمل ليُخفِّف الحِمل عن والديه، فليَلْجَأ لعملٍ لا يستغرق منه جهدًا كبيرًا أو وقتًا طويلًا، فيلجأ لعمل يناسبه - كما ذكرتُ - ويكون عدد ساعاته بحد أقصى مثلًا ثماني ساعات؛ حتى يوفِّر لنفسه الجهد والوقت لاستذكار دروسه.
• أن يشترك الشاب في الأعمال التطوعية، ولا سيما الأعمال التي تتكفَّلها الوزارات في دولته، والتي من خلالها يكتسب خبرة واسعة في التعرف على متطلبات مجتمعه الذي يعيش فيه.
• أن يتردَّد الشاب على المراكز الثقافية للدول المختلفة الموجودة في بلده، حتى يتعرَّف على ثقافات الشعوب الأخرى، وقد يُسهِّل له ذلك فرصةَ الحصول على منحة دراسية خارج البلاد، وكذلك العمل أيضًا.
• التردد على المكتبات، والاهتمام بالقراءة لكلِّ مَن كان في مقتبل العمر، وأخذ بعض الدورات التدريبية المؤهِّلة لسوق العمل، والمتعلقة بمجال الدراسة؛ فذلك يمنحه سعة في آفاق المعرفة.
• المشاركة في الندوات العلمية التي تقيمُها الجامعات والوزارات، فمِن خلالها يتعرَّف الشاب مباشرةً على علماء دولته وقياداتها، فيكتسب منهم خبرة عمرهم في دقائق معدودة.
• أن يعرِف الشاب بعضًا من قصص العظماء، كيف عاشوا وتغلبوا على المصاعب، وكيف واجهوا العقبات التي مرُّوا بها في حياتهم، حتى صاروا عظماء يشار إليهم بالبنان، فكثيرًا ما تتشابه الحوادث التي مرَّ بها هؤلاء مع ما سيمر به الشاب الطامح لأن يكون مثلهم.
• أن يسافر الشاب ويرتحل في طلب العلم والعمل، ويكفيه أن في السفرِ والارتحال فوائدَ كثيرة، جمع بعضها الإمام الشافعي في أبيات شعرية، فقال:
تغرَّبْ عَنِ الأوطانِ في طلبِ العُلا
وسافِرْ فَفِي الأسفارِ خمسُ فوائدِ
تفرُّج همٍّ واكتساب معيشةٍ
وعِلم وآداب وصُحبة ماجِدِ
وأما الحلول الملقاة على عاتق دولكم، فيجيئ أهمها في النقاط التالية:
• عقد الندوات المفتوحة لمناقشة تطلُّعات الشباب نحو المستقبل وما يجب لهم وعليهم.
• مراقبة إبداعات الشباب العلمية والعملية، وتنمية مهاراتهم في مختلف المجالات للاستفادة منها، والرفع من شأنها، وإعطاؤهم المكافآت - ولو التشجيعية - لمواصلةِ تلك الإبداعات الهادفة، سواء كانت في العلوم، أم في الفنون، أم غيرها.
• إمدادُ الشباب بما يحتاجون إليه من أدواتٍ علمية لمواصلة أبحاثهم، أو أدوات عملية لمساعدتهم في إكمال مشاريعهم التي بدؤوها، أيًّا كانت، طالما ستعود بالنفع على الشاب وعلى مجتمعه.
• التعاون الثلاثي المُثمِر بين الجامعات والوزارات والمراكز الثقافية، وتوضيح ذلك كالآتي:
• التعاون بين الجامعات والوزارت، فيتم عقد اتفاقيات بين الجامعات والوزارات على أن يتم تدريب الطلاب بمختلف تخصصاتهم أثناء دراستهم في المؤسسات الحكومية وغيرها التابعة للوزارات المختلفة؛ فمثلًا يتم عقد اتفاقية بين كليات الدعوة الإسلامية وأصول الدين والشريعة، وبين وزارة الأوقاف، على تدريب الطلاب أثناء دراستهم على الإمامة والخطابة في المساجد، تحت رعاية علماء أجلاء من وزارة الأوقاف، مما سيعود بالنفع على الطلاب وكلياتهم، والوزارة التي يتم التدريب فيها تحت رعايتها.
أو يتم عقد اتفاقية بين كليات الطب وبين وزارة الصحة على أن يتم تدريب الطلاب في المستشفيات طوال مدة دراستهم، تحت رعاية أطباء كبار من الوزارة، مما سينقل خبرة الطب بكلِّ سلاسة ويسرٍ للطالب، وكذلك التعرف على مختلف الحالات المرضية الواردة على المستشفى، وأيسر الطرق لمعالجتها والتعامل مع المريض.
أو تعقد اتفاقية بين كليات التجارة والسياسة والاقتصاد وبين وزارات التجارة والصناعة، والتعاون الدولي، وكذلك وزارة المالية، على أن يتم تدريب الطلاب في هذه الوزارات، فيتدرب الطالب مثلًا على كيفية إدارة المبالغ الضخمة من الأموال، وكيفية استثمارها في دولته، أو يتدرب على كيفية إدارة الأزمات الاقتصادية، وأساليب حلها، أو يتدرب على التعاون المثمر بين الدول في مختلف المجالات.
• التعاون بين الجامعات والمراكز الثقافية، فتعقد اتفاقيات بين الجامعات والمراكز الثقافية للدول المختلفة، على أن يتم تدريب الطلاب في تلك المراكز، تحت رعاية أساتذة الجامعة، بالتعاون مع مسؤولي تلك المراكز، فيتعرف الطالب على مختلف ثقافات الشعوب ولُغاتهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وغير ذلك؛ مما ينمي فكر الشباب؛ فمثلًا يتم عقد اتفاقية بين كليات اللغات والترجمة والألسن وبين المراكز الثقافية المختلفة، على أن يتم تدريب الطلاب وتوسيع أفكارهم في التعرُّف على لغات تلك الدول، وإمداد الجامعات بما يناسبها من مواد تعليمية تُسهِّل على الطالب ذلك.
أو تعقد اتفاقية بين كليات العلوم وبين المراكز الثقافية، على أن يتم تعريف الطلاب مثلًا على آخر ما توصَّلت إليه تلك الدول من أبحاث علمية، وكيفية الاستفادة منها، وتطبيقها في دولهم.
أو يتم عقد اتفاقيات بين الجامعات وتلك المراكز الثقافية، على أن يتم ابتعاث الطلاب المتفوقين إلى الدول التابعة لها تلك المراكز؛ للاستفادة من خبرات علمائها، وكذلك الاستفادة من تجاربها في المجالات المختلفة.
• التعاون بين الوزارات والمراكز الثقافية؛ فمثلًا يتم عقد اتفاقية بين وزارة الشباب والرياضة وبين المراكز الثقافية المختلفة، لتدريب الشباب على مختلف أنواع الرياضات المنتشرة حول العالم من ألعاب وفنون للقتال وغيرها.
أو تعقد اتفاقية بين وزارة الثقافة وتلك المراكز للمساهمة الفعالة في عملية ترجمة العلوم، ونشر الكتب، وغيرها، مما يختصر الطريق على الأجيال القادمة.
أو استدعاء بعض من العلماء بمختلف تخصصاتهم من الدول المختلفة، من خلال مراكز دولهم، لتدريب العمال والموظفين، كلٌّ في مجالِه تحت رعاية الوزارة التابعين لها.
هذا التعاون الثلاثي المثمر سيُساهِم مساهمة فعَّالة في النهوض بالشباب علميًّا وعمليًّا، وتوسيع خبراتهم، وتفتُّح رؤاهم للمستقبل.
ويساهم أيضًا في الاستغلال الأمثل لطاقات الشباب الغالية، التي كثيرًا ما فرَّطنا فيها، فضاعت منا هباءً.
ويساهم أيضًا في توطيد العَلاقة بين مؤسسات الدولة بعضها البعض، وكذلك بينها وبين الدول الأخرى، مما يعود بالنفع لكل الأطراف المشاركة في ذلك التعاون البنَّاء.
تلك الحلول البسيطة، وغيرها من الحلول الأخرى، يجب على الدول الاهتمام بها وتطبيقها في واقعها الحياتي؛ لتيسير إيجاد الأعمال التي تناسب الشباب بمختلف تخصصاتهم، بدلًا من استقطاب الشباب من خلال بعض الجماعات أو الشركات للعمل لصالحها.
وستُسهِم تلك الحلول في خلق أجيالٍ من الشباب تقودُ بلادها، بعد أن نهلت من خبرة علمائها؛ لتستطيع الربط بين الماضي التليد، والمستقبل المجيد.
والله ولي التوفيق.. وصلى الله وسلم وبارك على أشرف الخلق سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.