التوجيه الإسلامي الشامل
أصبح الإعلام من أقوى (الأسلحة) التي تحرص الأمم على امتلاكها وتتسابق في ميدانها. ووظفت دراسات علم النفس وعلم الاجتماع وغيرهما من العلوم في خدمة الإعلام، حتى أصبح قادرًا على (صناعة) اهتمامات الفرد، و(صياغة) أفكاره، و(تغيير) سلوكه بما يتفق مع التغيير الاجتماعي المنشود.
ولقد قطع الإعلام الجاهلي المعاصر خطوات كبيرة نحو (الإنسان) المسلم حتى أوقعه في أسره..
وكانت الخطوة التالية لـ(الأسر) هي محاولة دفع هذا المسلم في طريق التنكر للإسلام عقيدة وشريعة وسلوكًا وحضارة!!
وقد توسل الإعلام الجاهلي لذلك بوسائل كثيرة:
فأما حقائق الإسلام، فقد كانت طريقة الإعلام الجاهلي في عرضها هي (العرض اللاهوتي) أو التراثي المتحفي، حتى أصبح أكثر المسلمين لا يفهم من كلمة الإسلام إلا ما يفهمه الأوروبي من كلمة religion إذا ذكرت أمامه؟! فلا يزيد الإسلام في حسه عن بضعة طقوس وشعائر لا علاقة لها بشأن من شئون الحياة!
وأما الأفكار التي يقوم الإعلام الجاهلي بنشرها، فلا تجد بينها غذاء فكريًا جيدًا، بل أكثرها من نوعية الأفكار التي يمكن أن نطلق عليها (العلف الفكري)، فهي أفكار «تدعو الفرد المسلم، إما إلى الانصراف إلى قضاياه اليومية الخاصة التي تدور حول الغذاء والكساء والمأوى، وإما إلى الاغتراب الحضاري والجغرافي، والهجرة إلى خارج الوطن الأم والانضمام - بإعجاب وولاء - إلى المجتمعات (الاستعمارية)... وإما إلى الانحلال الاجتماعي والانغماس في تيار الجنوح والانحراف»[1].
وأما الأخلاق التي ينشرها الإعلام الجاهلي فهي أخلاق (الفضائح الاجتماعية)، «فمن إدمان للخمر، إلى نوادي القمار، إلى دور البغاء العلني والسري، إلى الخلاعة الجنسية على شواطئ البحار والأنهار وأحواض السباحة والاستعراضات الرياضية المختلطة، إلى تسهيل الإغراءات في الملابس وتشجيع دورها ومحلاتها وصحفها وحفلات عرضها... إلى آخر تلك الفضائح الأخلاقية التي قتلت الرجولة والشهامة والمروءة والاستقامة وروح الجهاد والكفاح في الحياة لدى الأجيال المسلمة..»[2].
وأما في نطاق قدرة الفرد على التغيير ومجابهة التحديات، فقد أكد الإعلام الجاهلي على ترسيخ اعتقاد المسلم بأنه غير قادر على فعل أي شيء في مواجهة الواقع!! وأن الاستسلام لما هو كائن هو (التصرف الواقعي)!! وهكذا.. توسل الإعلام الجاهلي بكل الوسائل للوصل إلى هدف.. (تحكم الجاهلية).. وكانت «السياسة التي تجري عليها وسائل الإعلام هي إشباع الشهوات لا الإرشاد، وكانت في كثير مما تهز به أجواء الأرض من كلمات أو أصوات تُفسد ولا تُصلح وتغوي ولا تهدي وتحتاج للمرشد مع أن مهمتها هي الإرشاد»[3].
ولا شك أن العمل الإسلامي لا يملك في مواجهة الإعلام الجاهلي إلا سلاح الدعوة والبيان، ولكن شمول الخلل الذي أحدثه الإعلام الجاهلي في الأمة يحتم على العمل الإسلامي أمرين:
الأول: أنه «لم يعد يكفي الاعتماد على الجانب العقيدي وحده أو التشريعي وحده أو السلوكي وحده، لمجابهة الأزمات الحضارية والانتكاسات الفردية والاجتماعية التي يمر بها المجتمع الإسلامي. بل لا بد أن تمشي الخطوط الثلاثة متكاملة متوازنة متعانقة لمعالجة السقوط العقائدي والاجتماعي والأخلاقي فيه، تمهيدًا لإحداث التغيير الإسلامي المنتظر»[4] وهذا يعني أن يكون (الخطاب الإسلامي)[5] خطابًا شاملًا، يكشف الحق الملتبس، ويبينه للأمة في صورة بلاغ مبين، ثم ينتقل بالدعوة من مرحلة المبادئ إلى مرحلة البرامج، فيقدم (المشروع الحضاري الإسلامي) الذي يكون البديل للأنظمة الجاهلية.
الثاني: أنه لا بد من تجنب الإسراف في استخدام الكلمة والبيان، بحيث لا تكون الكلمة مجرد صورة بيانية ترف في الهواء، أو مجرد كمية من المداد على صفحة من الورق. بل لا بد أن تكون الكلمة (فعالة) تبث أفكارًا لها كثافة الواقع ووزنه، بما تدفع إليه من نشاط وحركة في طريق التغيير[6].
إن التوجيه الإسلامي الشامل يصوغ المسلم القادر على إحداث التغيير الجذري، وإعطاء البديل الحضاري. ولذلك فإن له طريقًا متميزًا في تحقيق ذلك الهدف:
فأما الإسلام فإنه يعرضه عرضًا كاملًا، ولا يقف عند قضايا العقيدة فقط، بل يشرح نظام الإسلام كما يشرح العقيدة ويبين الأخلاق «ولا يترك الناس حتى يستيقنوا أن الإسلام حين يفيئون إليه سيبدل حياتهم تبديلًا... سيبدل تصوراتهم عن الحياة، كما سيبدل أوضاعهم كذلك، سيبدلها ليعطيهم خيرًا منها بما لا يقاس. سيبدلها ليرفع تصوراتهم ويرفع أوضاعهم، ويجعلهم أقرب إلى المستوى الكريم اللائق بحياة الإنسان. والذي لا يتحقق، إلا في ظل المجتمع الإسلامي الذي تحكمه العقيدة الإسلامية والتصور الإسلامي، كما تحكمه الشريعة الإسلامية والنظام الإسلامي»[7].
وأما الأخلاق والقيم، فإن التوجيه الإسلامي الشامل لا يقدمها كعدد من الفضائل المبعثرة، كل على حدة، كالصدق والأمانة والعفة والوفاء... إلخ.. إنما يقدمها كما هي على الحقيقة «نظام متكامل لحياة شاملة. نظام يوجه ويضبط كل النشاط الإنساني في شتى جوانب الحياة،... فالصدق خلق، ومثله الجهاد في سبيل الله لتحرير البشر من العبودية لسواه. والأمانة خلق، ومثلها عمارة الأرض وتنمية الحياة وترقيتها في حدود ما شرع الله، ابتغاء رضوان الله. والعفة خلق، ومثلها تطهير عقول الناس من الوهم والخرافة والضلال. والوفاء خلق، ومثله القيام على حدود الله. والإيجابية وعدم السلبية في حياة الجماعة..»[8].
وهكذا.. لا يهتم التوجيه الإسلامي بالأخلاق من الناحية الفلسفية، بل من الناحية الاجتماعية، ومدى مساهمة الخُلق في إيجاد (قوة التماسك) اللازمة في أمة تريد إقامة حضارة على أساس من الإسلام الحق.. الإسلام المتحرك في العقول والسلوك، والمنبعث في صورة (إسلام اجتماعي).
وأما الأفكار، فإن التوجيه الإسلامي الشامل يركز على أن فقدان (الرسالة) التي قامت عليها الأمة، وضياع (الغاية) التي بُعثت من أجلها - وهي إخراج البشر من العبودية للبشر إلى العبودية لرب العالمين - يؤديان إلى انهيار الأمة وهلاكها «وأن أمانة (الرسالة) تفرض على المسلمين أن يكون كل منهم على ثغرة من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبله، وأما القاعدون من المسلمين الذين يظنون أنهم بأخلاقهم وصلاتهم وصيامهم يؤدون واجبهم تجاه أمتهم ويحملون رسالتها، فليعلموا أنه لا يصلح لهذا الدين إلا من أحاطه من جميع جوانبه، وأنه لن ينتصر آخر هذه الأمة إلا بما انتصر به أولها أي بالإيمان والجهاد والتضحية والثبات»[9].
وأما قدرة الفرد على التغيير، فإن التوجيه الإسلامي الشامل يقوم على تعميق الإحساس بضرورة التغيير مع بث الثقة في أفراد الأمة وقدراتهم وإمكاناتهم التي تؤهلهم لحمل مسؤولية التغيير، وذلك عبر إشعار جماهير الأمة بالوضع السيء الذي تعيشه أمتهم، وإثارة تطلعاتهم إلى تغيير الواقع الجاهلي الذي يستهدف حريتهم، وحضارتهم، بل ولقمة عيشهم!! ومن ثم حشد طاقات جماهير الأمة جميعًا لتصب في حركة تغييرية تسير بصورة تدريجية وتصاعدية حتى تبلغ ذروة أهدافها بإخراج جماهير الأمة من العبودية التي تؤلمها وتحز في صدورها، إلى الحرية التي لا تتحقق في ظل منهج من المناهج كما تتحقق في ظل الإسلام.
وهكذا هو التوجيه الإسلامي الشامل.. يطرح الإسلام كمعادلة فكرية وسياسية واقتصادية وأخلاقية، وذلك في مواجهة المعادلة العلمانية التي تريد إبعاد الأمة الإسلامية عن خط الإسلام لتقربها إلى خط الكفر!!.
فالتوجيه الإسلامي الشامل يُدخل الإسلام ساحة الصراع مع العلمانية من موقع (الفكرة) الممتد المنفتح، والذي يعمل على حل مشاكل الأمة من موقع الإسلام، ويُخرجها من قهر أعدائها من الموقع نفسه. وبذلك يحقق المقصود «فالمقصود أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الله اسم جامع لكلماته التي تضمنها كتابه، وهكذا قال تعالى: ? لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ?.. فالمقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب أن يقوم الناس بالقسط في حقوق الله وحقوق خلقه»[10].
إن أكثر المسلمين اليوم يُحسون في أعماقهم الانهزام أمام قوة الغرب، ومن ثم فلا بد أن يكون التوجيه الإسلامي قادرًا على إقناعهم أنهم بـ(الإسلام) قادرون على تحدي الغرب وأجهزته وعملائه من أنظمة علمانية متسلطة.. أو غيرها.
وأنه إن كان المسلمون يعيشون اليوم واقع (القصعة) وتداعي الأمم عليهم، فإنهم بالإسلام قادرون على الخروج من هذا الواقع، والوصول مع كل أعدائهم إلى مرحلة: «اليوم يئس الذين كفروا من دينكم» فالإسلام كما أنه دعوة للنجاة في الآخرة فهو أيضًا دعوة للتمكين في الأرض ? وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ? [النور: 55].
إن الكثير من المسلمين يبحثون عن الطريق إلى الخروج من التبعية الذليلة، ومن هنا فلا بد أن يقدم لهم التوجيه الإسلامي البديل النظري والواقعي للخروج من هذه التبعية، ويزيل من أنفسهم أسباب العجز والتخلف، ويبعث فيها روح الأمل والثقة في القدرة على التغيير والخروج من التبعية إلى الريادة. شامل توقعات الابراج 2017 توقعات ابو علي الشيباني توقعات العرافة البلغارية 2017 توقعات هالة عمر للابراج توقعات السعودية 2017 توقعات نوستراداموس 2017 تنبؤات مصر 2017 توقعات احمد شاهين 2017 تنبؤات عام 2017 توقعات محمد فرعون 2017 توقعات 2017 للعالم توقعات 2017 للسعودية توقعات 2017 للعراق توقعات سمير طنب 2017 توقعات 2017 لسوريا توقعات عبد العزيز الخطابي 2017 توقعات 2017 لليمن توقعات ليلى عبد اللطيف 2017 توقعات مصر 2017 توقعات مايك فغالي 2017 توقعات لبنان 2017 توقعات ميشال حايك 2017 توقعات الابراج ليلى عبد اللطيف 2017 توقعات منى احمد للابراج توقعات الابراج عبير فؤاد 2017 توقعات الابراج ميشال حايك 2017 توقعات الابراج احمد شاهين 2017 توقعات الابراج وسام السيفي 2017 توقعات الابراج 2017 سعيد مناع توقعات الابراج 2017 حسن الشارني.
إن في الأمة الإسلامية «طاقات وقوى لم تستخدم، لأننا لا نعرف كيف نكتلها، وهناك ملايين من السواعد والعقول المفكرة صالحة لأن تشارك في التغيير، والمهم هو أن نعرف كيف ندير هذا الجهاز الهائل المكون من ملايين السواعد والعقول»[11] لإحداث التغيير المنشود. ولا شك أنه لا سبيل لنا إلى ذلك إلا التوجيه الإسلامي الذي ينشر الفكرة الإسلامية بين أفراد الأمة، وبقدر شمولية هذه الفكرة سيكون اكتساحها للأفكار الجاهلية المثبطة للعزائم.... وبقدر فعالية الأمة في حمل هذه الفكرة ستكون وقفتها القوية في وجه أعدائها، وسيكون التغيير.
إن التوجيه الإسلامي الشامل يعرض الأفكار التي تشكل طموح الأمة، وتوضح لها الطريق التي تسلكه لمقارعة الجاهلية وتحقيق تلك الطموحات.. وكلما كانت هذه الأفكار سهلة الفهم والتداول، كلما كان ارتباط الأمة بها أقوى وأوثق. وكلما كانت هذه الأفكار شاملة، كلما سدت المنافذ والثغرات التي ينفذ منها الإعلام الجاهلي فينشر الفساد والانحراف.
إن قوة الإسلام هي في أن يقدم ويعرض بشكل كامل وشامل، ليكون قاعدة الفكر ومنهج السلوك، وطريقة الحياة.. وليحكم الحياة كلها.. وليكون الدين كله لله.
وبكلمة: لقد حرص الإعلام الجاهلي على تزييف حقائق الإسلام، ونشر الانحراف في العقائد والأخلاق والأفكار، كما حرص على تثبيط عزيمة المسلم وتشكيكه في قدرته على التغيير.. ومن هنا فلا بد من توجيه إسلامي شامل يطرح الإسلام بشكل شمولي، لا يهتم بالعقيدة فحسب بل يهتم بالأخلاق والأفكار والتصورات أيضًا. ولا يصف الواقع الفاسد فقط، بل يحدد الطريق إلى تغييره، ويرسخ في نفس الفرد الثقة بقدرته على القيام بهذا التغيير.
إننا اليوم قد نعجز عن التغيير للواقع السياسي الظالم والمستبد، ولكن هذا لا يعني أن ننهزم ونستسلم، وإنما يجب علينا أن نحتفظ بالأمة الإسلامية بعيدًا عن التأثر بالإعلام الجاهلي، ريثما تتاح الفرصة التي تمكن من التغيير.
ولا شك أننا لا نقدر على الاحتفاظ بالأمة بعيدًا عن الإعلام الجاهلي الذي تصل آثاره إلى كل بيت وكل مخدع يأوي إليه الإنسان، إلا إذا قمنا بواجب الدعوة والبيان على صورته الصحيحة.. صورة البلاغ المبين، أو (التوجيه الإسلامي الشامل).
أصبح الإعلام من أقوى (الأسلحة) التي تحرص الأمم على امتلاكها وتتسابق في ميدانها. ووظفت دراسات علم النفس وعلم الاجتماع وغيرهما من العلوم في خدمة الإعلام، حتى أصبح قادرًا على (صناعة) اهتمامات الفرد، و(صياغة) أفكاره، و(تغيير) سلوكه بما يتفق مع التغيير الاجتماعي المنشود.
ولقد قطع الإعلام الجاهلي المعاصر خطوات كبيرة نحو (الإنسان) المسلم حتى أوقعه في أسره..
وكانت الخطوة التالية لـ(الأسر) هي محاولة دفع هذا المسلم في طريق التنكر للإسلام عقيدة وشريعة وسلوكًا وحضارة!!
وقد توسل الإعلام الجاهلي لذلك بوسائل كثيرة:
فأما حقائق الإسلام، فقد كانت طريقة الإعلام الجاهلي في عرضها هي (العرض اللاهوتي) أو التراثي المتحفي، حتى أصبح أكثر المسلمين لا يفهم من كلمة الإسلام إلا ما يفهمه الأوروبي من كلمة religion إذا ذكرت أمامه؟! فلا يزيد الإسلام في حسه عن بضعة طقوس وشعائر لا علاقة لها بشأن من شئون الحياة!
وأما الأفكار التي يقوم الإعلام الجاهلي بنشرها، فلا تجد بينها غذاء فكريًا جيدًا، بل أكثرها من نوعية الأفكار التي يمكن أن نطلق عليها (العلف الفكري)، فهي أفكار «تدعو الفرد المسلم، إما إلى الانصراف إلى قضاياه اليومية الخاصة التي تدور حول الغذاء والكساء والمأوى، وإما إلى الاغتراب الحضاري والجغرافي، والهجرة إلى خارج الوطن الأم والانضمام - بإعجاب وولاء - إلى المجتمعات (الاستعمارية)... وإما إلى الانحلال الاجتماعي والانغماس في تيار الجنوح والانحراف»[1].
وأما الأخلاق التي ينشرها الإعلام الجاهلي فهي أخلاق (الفضائح الاجتماعية)، «فمن إدمان للخمر، إلى نوادي القمار، إلى دور البغاء العلني والسري، إلى الخلاعة الجنسية على شواطئ البحار والأنهار وأحواض السباحة والاستعراضات الرياضية المختلطة، إلى تسهيل الإغراءات في الملابس وتشجيع دورها ومحلاتها وصحفها وحفلات عرضها... إلى آخر تلك الفضائح الأخلاقية التي قتلت الرجولة والشهامة والمروءة والاستقامة وروح الجهاد والكفاح في الحياة لدى الأجيال المسلمة..»[2].
وأما في نطاق قدرة الفرد على التغيير ومجابهة التحديات، فقد أكد الإعلام الجاهلي على ترسيخ اعتقاد المسلم بأنه غير قادر على فعل أي شيء في مواجهة الواقع!! وأن الاستسلام لما هو كائن هو (التصرف الواقعي)!! وهكذا.. توسل الإعلام الجاهلي بكل الوسائل للوصل إلى هدف.. (تحكم الجاهلية).. وكانت «السياسة التي تجري عليها وسائل الإعلام هي إشباع الشهوات لا الإرشاد، وكانت في كثير مما تهز به أجواء الأرض من كلمات أو أصوات تُفسد ولا تُصلح وتغوي ولا تهدي وتحتاج للمرشد مع أن مهمتها هي الإرشاد»[3].
ولا شك أن العمل الإسلامي لا يملك في مواجهة الإعلام الجاهلي إلا سلاح الدعوة والبيان، ولكن شمول الخلل الذي أحدثه الإعلام الجاهلي في الأمة يحتم على العمل الإسلامي أمرين:
الأول: أنه «لم يعد يكفي الاعتماد على الجانب العقيدي وحده أو التشريعي وحده أو السلوكي وحده، لمجابهة الأزمات الحضارية والانتكاسات الفردية والاجتماعية التي يمر بها المجتمع الإسلامي. بل لا بد أن تمشي الخطوط الثلاثة متكاملة متوازنة متعانقة لمعالجة السقوط العقائدي والاجتماعي والأخلاقي فيه، تمهيدًا لإحداث التغيير الإسلامي المنتظر»[4] وهذا يعني أن يكون (الخطاب الإسلامي)[5] خطابًا شاملًا، يكشف الحق الملتبس، ويبينه للأمة في صورة بلاغ مبين، ثم ينتقل بالدعوة من مرحلة المبادئ إلى مرحلة البرامج، فيقدم (المشروع الحضاري الإسلامي) الذي يكون البديل للأنظمة الجاهلية.
الثاني: أنه لا بد من تجنب الإسراف في استخدام الكلمة والبيان، بحيث لا تكون الكلمة مجرد صورة بيانية ترف في الهواء، أو مجرد كمية من المداد على صفحة من الورق. بل لا بد أن تكون الكلمة (فعالة) تبث أفكارًا لها كثافة الواقع ووزنه، بما تدفع إليه من نشاط وحركة في طريق التغيير[6].
إن التوجيه الإسلامي الشامل يصوغ المسلم القادر على إحداث التغيير الجذري، وإعطاء البديل الحضاري. ولذلك فإن له طريقًا متميزًا في تحقيق ذلك الهدف:
فأما الإسلام فإنه يعرضه عرضًا كاملًا، ولا يقف عند قضايا العقيدة فقط، بل يشرح نظام الإسلام كما يشرح العقيدة ويبين الأخلاق «ولا يترك الناس حتى يستيقنوا أن الإسلام حين يفيئون إليه سيبدل حياتهم تبديلًا... سيبدل تصوراتهم عن الحياة، كما سيبدل أوضاعهم كذلك، سيبدلها ليعطيهم خيرًا منها بما لا يقاس. سيبدلها ليرفع تصوراتهم ويرفع أوضاعهم، ويجعلهم أقرب إلى المستوى الكريم اللائق بحياة الإنسان. والذي لا يتحقق، إلا في ظل المجتمع الإسلامي الذي تحكمه العقيدة الإسلامية والتصور الإسلامي، كما تحكمه الشريعة الإسلامية والنظام الإسلامي»[7].
وأما الأخلاق والقيم، فإن التوجيه الإسلامي الشامل لا يقدمها كعدد من الفضائل المبعثرة، كل على حدة، كالصدق والأمانة والعفة والوفاء... إلخ.. إنما يقدمها كما هي على الحقيقة «نظام متكامل لحياة شاملة. نظام يوجه ويضبط كل النشاط الإنساني في شتى جوانب الحياة،... فالصدق خلق، ومثله الجهاد في سبيل الله لتحرير البشر من العبودية لسواه. والأمانة خلق، ومثلها عمارة الأرض وتنمية الحياة وترقيتها في حدود ما شرع الله، ابتغاء رضوان الله. والعفة خلق، ومثلها تطهير عقول الناس من الوهم والخرافة والضلال. والوفاء خلق، ومثله القيام على حدود الله. والإيجابية وعدم السلبية في حياة الجماعة..»[8].
وهكذا.. لا يهتم التوجيه الإسلامي بالأخلاق من الناحية الفلسفية، بل من الناحية الاجتماعية، ومدى مساهمة الخُلق في إيجاد (قوة التماسك) اللازمة في أمة تريد إقامة حضارة على أساس من الإسلام الحق.. الإسلام المتحرك في العقول والسلوك، والمنبعث في صورة (إسلام اجتماعي).
وأما الأفكار، فإن التوجيه الإسلامي الشامل يركز على أن فقدان (الرسالة) التي قامت عليها الأمة، وضياع (الغاية) التي بُعثت من أجلها - وهي إخراج البشر من العبودية للبشر إلى العبودية لرب العالمين - يؤديان إلى انهيار الأمة وهلاكها «وأن أمانة (الرسالة) تفرض على المسلمين أن يكون كل منهم على ثغرة من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبله، وأما القاعدون من المسلمين الذين يظنون أنهم بأخلاقهم وصلاتهم وصيامهم يؤدون واجبهم تجاه أمتهم ويحملون رسالتها، فليعلموا أنه لا يصلح لهذا الدين إلا من أحاطه من جميع جوانبه، وأنه لن ينتصر آخر هذه الأمة إلا بما انتصر به أولها أي بالإيمان والجهاد والتضحية والثبات»[9].
وأما قدرة الفرد على التغيير، فإن التوجيه الإسلامي الشامل يقوم على تعميق الإحساس بضرورة التغيير مع بث الثقة في أفراد الأمة وقدراتهم وإمكاناتهم التي تؤهلهم لحمل مسؤولية التغيير، وذلك عبر إشعار جماهير الأمة بالوضع السيء الذي تعيشه أمتهم، وإثارة تطلعاتهم إلى تغيير الواقع الجاهلي الذي يستهدف حريتهم، وحضارتهم، بل ولقمة عيشهم!! ومن ثم حشد طاقات جماهير الأمة جميعًا لتصب في حركة تغييرية تسير بصورة تدريجية وتصاعدية حتى تبلغ ذروة أهدافها بإخراج جماهير الأمة من العبودية التي تؤلمها وتحز في صدورها، إلى الحرية التي لا تتحقق في ظل منهج من المناهج كما تتحقق في ظل الإسلام.
وهكذا هو التوجيه الإسلامي الشامل.. يطرح الإسلام كمعادلة فكرية وسياسية واقتصادية وأخلاقية، وذلك في مواجهة المعادلة العلمانية التي تريد إبعاد الأمة الإسلامية عن خط الإسلام لتقربها إلى خط الكفر!!.
فالتوجيه الإسلامي الشامل يُدخل الإسلام ساحة الصراع مع العلمانية من موقع (الفكرة) الممتد المنفتح، والذي يعمل على حل مشاكل الأمة من موقع الإسلام، ويُخرجها من قهر أعدائها من الموقع نفسه. وبذلك يحقق المقصود «فالمقصود أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الله اسم جامع لكلماته التي تضمنها كتابه، وهكذا قال تعالى: ? لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ?.. فالمقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب أن يقوم الناس بالقسط في حقوق الله وحقوق خلقه»[10].
إن أكثر المسلمين اليوم يُحسون في أعماقهم الانهزام أمام قوة الغرب، ومن ثم فلا بد أن يكون التوجيه الإسلامي قادرًا على إقناعهم أنهم بـ(الإسلام) قادرون على تحدي الغرب وأجهزته وعملائه من أنظمة علمانية متسلطة.. أو غيرها.
وأنه إن كان المسلمون يعيشون اليوم واقع (القصعة) وتداعي الأمم عليهم، فإنهم بالإسلام قادرون على الخروج من هذا الواقع، والوصول مع كل أعدائهم إلى مرحلة: «اليوم يئس الذين كفروا من دينكم» فالإسلام كما أنه دعوة للنجاة في الآخرة فهو أيضًا دعوة للتمكين في الأرض ? وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ? [النور: 55].
إن الكثير من المسلمين يبحثون عن الطريق إلى الخروج من التبعية الذليلة، ومن هنا فلا بد أن يقدم لهم التوجيه الإسلامي البديل النظري والواقعي للخروج من هذه التبعية، ويزيل من أنفسهم أسباب العجز والتخلف، ويبعث فيها روح الأمل والثقة في القدرة على التغيير والخروج من التبعية إلى الريادة. شامل توقعات الابراج 2017 توقعات ابو علي الشيباني توقعات العرافة البلغارية 2017 توقعات هالة عمر للابراج توقعات السعودية 2017 توقعات نوستراداموس 2017 تنبؤات مصر 2017 توقعات احمد شاهين 2017 تنبؤات عام 2017 توقعات محمد فرعون 2017 توقعات 2017 للعالم توقعات 2017 للسعودية توقعات 2017 للعراق توقعات سمير طنب 2017 توقعات 2017 لسوريا توقعات عبد العزيز الخطابي 2017 توقعات 2017 لليمن توقعات ليلى عبد اللطيف 2017 توقعات مصر 2017 توقعات مايك فغالي 2017 توقعات لبنان 2017 توقعات ميشال حايك 2017 توقعات الابراج ليلى عبد اللطيف 2017 توقعات منى احمد للابراج توقعات الابراج عبير فؤاد 2017 توقعات الابراج ميشال حايك 2017 توقعات الابراج احمد شاهين 2017 توقعات الابراج وسام السيفي 2017 توقعات الابراج 2017 سعيد مناع توقعات الابراج 2017 حسن الشارني.
إن في الأمة الإسلامية «طاقات وقوى لم تستخدم، لأننا لا نعرف كيف نكتلها، وهناك ملايين من السواعد والعقول المفكرة صالحة لأن تشارك في التغيير، والمهم هو أن نعرف كيف ندير هذا الجهاز الهائل المكون من ملايين السواعد والعقول»[11] لإحداث التغيير المنشود. ولا شك أنه لا سبيل لنا إلى ذلك إلا التوجيه الإسلامي الذي ينشر الفكرة الإسلامية بين أفراد الأمة، وبقدر شمولية هذه الفكرة سيكون اكتساحها للأفكار الجاهلية المثبطة للعزائم.... وبقدر فعالية الأمة في حمل هذه الفكرة ستكون وقفتها القوية في وجه أعدائها، وسيكون التغيير.
إن التوجيه الإسلامي الشامل يعرض الأفكار التي تشكل طموح الأمة، وتوضح لها الطريق التي تسلكه لمقارعة الجاهلية وتحقيق تلك الطموحات.. وكلما كانت هذه الأفكار سهلة الفهم والتداول، كلما كان ارتباط الأمة بها أقوى وأوثق. وكلما كانت هذه الأفكار شاملة، كلما سدت المنافذ والثغرات التي ينفذ منها الإعلام الجاهلي فينشر الفساد والانحراف.
إن قوة الإسلام هي في أن يقدم ويعرض بشكل كامل وشامل، ليكون قاعدة الفكر ومنهج السلوك، وطريقة الحياة.. وليحكم الحياة كلها.. وليكون الدين كله لله.
وبكلمة: لقد حرص الإعلام الجاهلي على تزييف حقائق الإسلام، ونشر الانحراف في العقائد والأخلاق والأفكار، كما حرص على تثبيط عزيمة المسلم وتشكيكه في قدرته على التغيير.. ومن هنا فلا بد من توجيه إسلامي شامل يطرح الإسلام بشكل شمولي، لا يهتم بالعقيدة فحسب بل يهتم بالأخلاق والأفكار والتصورات أيضًا. ولا يصف الواقع الفاسد فقط، بل يحدد الطريق إلى تغييره، ويرسخ في نفس الفرد الثقة بقدرته على القيام بهذا التغيير.
إننا اليوم قد نعجز عن التغيير للواقع السياسي الظالم والمستبد، ولكن هذا لا يعني أن ننهزم ونستسلم، وإنما يجب علينا أن نحتفظ بالأمة الإسلامية بعيدًا عن التأثر بالإعلام الجاهلي، ريثما تتاح الفرصة التي تمكن من التغيير.
ولا شك أننا لا نقدر على الاحتفاظ بالأمة بعيدًا عن الإعلام الجاهلي الذي تصل آثاره إلى كل بيت وكل مخدع يأوي إليه الإنسان، إلا إذا قمنا بواجب الدعوة والبيان على صورته الصحيحة.. صورة البلاغ المبين، أو (التوجيه الإسلامي الشامل).