في شهر نيسان/أبريل من عام 2014 حذت مايكروسوفت حذو آبل وجوجل من خلال إطلاق مُساعدها الرقمي كورتانا Cortana داخل الأجهزة الذكية التي تعمل بنظام ويندوز 8.1، قبل أن تضيفه لاحقًا إلى ويندوز 10 على الحواسب والأجهزة الذكية.
كورتانا وكغيره من المُساعدات الشخصية موجه لتلقي أوامر المُستخدم الصوتية وتنفيذها مثل تشغيل تقنية بلوتوث، إنشاء رسائل التذكير، معرفة نتائج المُباريات أو معرفة حالة الطقس على سبيل المثال لا الحصر.
ونتيجةً لسياسة الانفتاح الكبيرة التي تقوم بها مايكروسوفت، كان لكورتانا نصيبًا من هذه السياسة حينما أعلنت مايكروسوفت عن رغبتها في توفيره لأجهزة أندرويد وآي أو إس iOS كتطبيق مُنفصل، وهو ما تم بالفعل قبل نهاية عام 2015، العام الذي عادت به مايكروسوفت لتضرب بيد من حديد.
مايكروسوفت أكّدت منذ البداية أنه وللاستفادة القصوى من كورتانا يجب أن يمتلك المُستخدم حاسبًا أو أي جهاز آخر قادر على تشغيل ويندوز 10، فالمُساعد الرقمي موجود فيه بشكل افتراضي، مما يُساعد على التكامل بين الحاسب والأجهزة الذكية.
بدايةً سنتحدث عن كورتانا على آي أو إس فهو نظام بطبيعة الحال لا يوفر الكثير من الأبواب للمطورين، وهُنا الحديث عن الواجهات البرمجية التي لا تسمح بالتعديل على موارد النظام أو سلوكه، بل ينحصر كل تطبيق داخل علبة مُنفصلة لتجنّب أي مُحتوى خبيث أو اختراق يؤدي إلى سرقة البيانات.
وظائف كورتانا على هذا النظام لا تتعدى إنشاء رسائل التذكير والبحث بشكل صوتي أيضًا لكن بعد تشغيل التطبيق وليس داخل النظام بشكل كامل كما هو حال سيري، المُساعد الرقمي من آبل. إضافة إلى ذلك، يُمكن للمستخدم تلقي رسائل لتذكيره بشيء مُحدد عند الوصول إلى موقع جغرافي قام بتحديده أثناء ضبط الرسالة، وهي ميّزة متوفرة سابقًا في بعض التطبيقات الأُخرى.
أما في أندرويد فكورتانا كان لديه بعض الصلاحيات الأُخرى، مثل إمكانية استخدامه عوضًا عن جوجل ناو Google Now، وهي ميّزة تم إزالتها بعد فترة من إطلاق التطبيق بسبب مشاكل أثّرت على النظام، لكن ما زال بالإمكان تشغيل أو إيقاف بعض خدمات النظام مثلما هو الحال في الهواتف التي تعمل بنظام ويندوز 10 أو 8.1.
في الحقيقة كورتانا يتوفّر فعلًا داخل أجزاء النظام في نسخة أندرويد المُعدّلة التي تُعرف باسم CyanogenMod، حيث تسعى شركة Cyanogen للتخلّص من مكتبات أندرويد خلال الفترة القادمة وبناء نظام مُستقل تمامًا عن جوجل. وبعد التحديث إلى الإصدار 12.1 من النظام يُمكن الحصول على كورتانا عوضًا عن جوجل ناو، وهو ما رصده بعض مُستخدمي هواتف شركة ون بلس OnePlus الصينية.
هذا كُلّه لا يعني أن كورتانا متوفر فعليًا لنظامي أندرويد وآي أو إس، فمايكروسوفت استخدمت هذا لأغراض تسويقية بحتة، من وجهة نظر شخصية، وليس لأنه بالفعل يُقدم حلًّا عمليًا للمُستخدمين، وهي من قواعد تطوير التطبيقات في عالم هندسة البرمجيات.
باختصار، يُمكن اعتبار كورتانا على أنظمة أندرويد وآي أو إس مُجرد تطبيق لاستعراض إمكانيات المُساعد الشخصي بشكل محدود، وهو ما لا يُعطي قيمة كبيرة للتطبيق، لكنه قد يدفع البعض لتجربة ويندوز 10 على الحاسب للاستفادة بشكل كامل منه.
ويبقى السؤال الأهم، ما الذي يدفع المُستخدم للتخلّي عن سيري أو جوجل ناو من أجل استخدام كورتانا التي لا تتوفر داخل جميع أجزاء النظام؟
كورتانا له مُستقبل واعد بكل تأكيد، لكنه ما زال في مراحله الأولى حتى الآن، وبالتالي يجب الانتظار قليلًا قبل إصدار الحكم النهائي، إلا أن الانجراف وراء فكرة توفيره لأنظمة تشغيل ثانية غير ويندوز ليس بالشيء الجيّد، ليس تقصيرًا من مايكروسوفت، إنما بسبب القيود المفروضة عليها، لكنه بكل تأكيد خيار جيّد لمُستخدمي تطبيقات ويندوز كالتقويم، وبريد آوت لوك، بالإضافة إلى ويندوز 10.